كانت فتاة حسناء فقيرة،تبلغ من العمر السابعة عشر ،شعرها طويل ينسدل على ظهرها كالشلال ،يزين وجهها الأبيض الرخامي،عينيها العسليتين واسعتين،كانت حلم شباب الحى التى تقطن به ،ومختصر أحلام ابن عمها الذي أنهى دراسته الجامعية ،ويتوق إلى الزواج بها ، كان ابن عمها شاب ثرى ثراء فاحش،حيث سافر والده إحدى دول الخليج وقضى هناك أكثر من عشرين عاما،وافتتح والده شركة مقاولات كبيرة فى مصر،والتى أدرت عليه الملايين، كان ابن عمها يقطن في فيلا فخمة في منطقة المهندسين ، شعره أجعد ،اسمر البشرة ،قسماته حادة،قصير القامة،كان يحبها منذ زمن بعيد ،و ما أن أكمل دراسته الجامعية،وعلى الفور ذهب هو وأهله وتقدم لخطبتها ووافق أهلها على الفور،فهو فرصة ذهبية ،ولكن الفتاه قبلت بالخطبة بعد ان ضغط عليها والدها بشدة ،فهي لا ترغب به ولاتحبه ،وبعد خطوبة استمرت عدة أشهر عانت كثيرا من شكه وتسلطه وغيرته المجنونة ،فلم تعد تحتمل تصرفاته فأخبرته بحقيقة مشاعرها، حاول استرضائها كثيرا ،وأصبح يدخل بالهدايا الغالية من عطور وذهب وملابس غالية الثمن ،يريد أن ينال أعجاب حبيبة القلب ويستميل قلبها بأي شكل من الأشكال، ولكنها أصرت على رفضها له،وأخبرته أن كل شيء قسمه نصيب،فنفورها من شخصيته المتصنعة إزداد يوما بعد يوم،وغروره الدائم،وتفاخره بنفسه وعائلته الكبيرة الثرية ،ونظراته الشهوانية المستفزة التى تخترق جسدها الغض ،كانت كلها أسباب تضافرت لإجهاض هذه الخطوبة التي لم تستمر طويلا ،ساوره الشك بوجود شخص آخر في حياتها ،فسألها إن كان هناك شخص آخر تحبه،نفت أن تكون على علاقة بأحد ،و بررت سبب الرفض بأنها لازالت صغيرة وتريد أن تكمل تعليمها، شعر أنها طعنت غروره،فأخذ يهدد ويتوعد،بأنها ستندم كثيرا على تركها له،وأنه سينتقم منها أشد انتقام.
لم يصدق أنها رفضته
، والتهمت الغيرة والحقد
قلبه ،وقرر الانتقام لكرامته المجروحة،وفي يوم وليلة تحول الحب إلى كره ، وكما يقول المثل ومن الحب ما قتل،وبما انه عاشق لكتب السحر والشعوذة أتى بكلب كبير وربطه بسلسلة حديدية وكتب عليه بعض الطلاسم غير المفهومة ،ثم أشعل النار فيه ،اخذ الكلب المسكين يعوى ،ولكن شعرة واحدة لم تهتز في رأس الرجل ،أو تنزل الرحمة بقلبه الأسود ،وبعد فترة من الزمن احترق الكلب وتفحم ، جمع رماد الكلب ووضعه في كيس،و رماه في البالوعة ،وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة.
وبعد فترة من عمل السحر ،أصبحت الفتاه طريحة الفراش ، ،كأنها مشلولة،وطافت بها أمها على الأطباء،وجميعهم اجمعوا على عدم وجود أي مرض عضوي في جسدها،ظلت شهرين على حالها،لا تقوى على الحراك،وتحول جسدها الجميل الممتلئ إلى جسد هزيل ضامر،تراقبها أمها بحسره وحزن ولا يجف دمعها ليل ولا نهار
، نصحها الجيران والأصدقاء أن تعرض ابنتها على معالج بالقران ،أتى الشيخ ،وقرأ على الفتاة الرقية الشرعية،فتعالى صراخها ،ثم اخبر الأم بان الفتاة سحرت وقام بالسحر فلان ابن فلان ،ليحطم حياتها وينتقم منها ،واخبرها أيضا أن هذا الرجل قام بحرق كلب ،ثم اخذ رماده ورماه في البالوعة بعد أن كتب عليه بعض الطلاسم، أخذت الأم تبكي على حال ابنتها وتلعن ابن عم الفتاة ،طمئنها الشيخ بان ابنتها ستكون بخير، ظل الشيخ يتردد على بيتهم لمدة شهر كامل ،يقرأعلى الفتاه بصوت عالي الآيات الخاصة بالسحر،فتتشنج الفتاة وتصرخ :لا أريد أن اسمع القران...لا أريد .....
والشيخ يواصل القرآة،تبرز عينيها من محجريها ،ثم ترتعش بقوة ،و تفقد الوعي ،والعرق يبلل وجهها ،وقميص نومها القطني ،كان الشيخ يسقيها كوب من الماء مقروء عليه الرقية الشرعية ،ومع الوقت أخذت الفتاة بالتحسن واسترداد عافيتها،حتى شفيت تماما وعادت إلى حياتها الطبيعية .
وحدثت هذه القصة في مصر في منتصف التسعينيات من القرن الماضي ،وأصابني العجب من موقف ابن عم الفتاة الحاقد ،الذي وعلى الرغم من انه شخص متعلم ،لجأ إلى السحر والشعوذة لنيل محبوبته.وان كان ما فعله بدافع الحب،فهو ليس بحب،لان الذي يحب بالفعل لا يقوى على أن يؤذي حبيبه. والان الفتاة متزوجة من رجل صالح،وانجبت منه طفلين.
أعرف هذه الفتاه على المستوى الشخصي
تأليف(فاطمة زكى)
مع تحيات قمر 2010
.