الحب في الشعر العربي الفصيح
كان الشعر للفخر ,ثم تحول إلى الحب وهذا بفضل المجنون وجميل بثينه وغيرهم من العشاق.
وهنا نركز على الحب في الشعر العربي الفصيح أبيات او بيتين او أكثر منفردة تخرج من قصائد طويلة وكأنها قصيدة بأكملها، هذه الأبيات تنطبع بالوجدان الشعبي النابض بالحياة في كل زمان ومكان،
وهنا قبل ان تكون قصيدة يكون بيت الشعر.وكأن هذا البيت كافي(ن) يسكن ويستوطن الفكرة.
إلا ان البيت الواحد بقي هو المأثور بين محبي الشعر العربي ، وهذا الاهتمام يكمن في البلاغة والإيجاز
ومن روعة هذه الأبيات عندما تمر عليك وتنشدها طرباً وكأنها لأول تمر عليك.
هنا في كل اللغات الإيجاز مطلوب وهو يكون كالحسام المهند في المعارك، هذا الإيجازي يجسد الفكرة في المواقف ،كالحب والفخر والهجاء ،ولكن مجمل حديثنا يتركز حول الحب و الذهول من روعة الجمال ، التي تحتاج الى حسم الموقف ، ومن هنا يخرج العاشق ببيت او قصيدة بأكملها وكأنه كان مغيب عن الحياة .
هنا نتطرق الى العشق بين الرجل والمرأه او كما يحلو لمن يصفه باللغز الجميل الساحر
و اللغز الجميل الساحر يفتننا سحره ، ويختلجنا جماله فنتبعه مرغمين دون أن نستطيع
له حلا،هذا السحر او اللغز الجميل هو الذي سنستمتع به ونستمع اليه ونشتاق له ، ونطمح ليه وننتظره ونود حضوره ونرحب به ونقبل كل ما به من صعاب
وهنا من الضروري ان تفتخر المرأه بهذا لانها موطن الحديث والحب والعشق الحقيقي
ويحق لها ان تزهُ وتنتشي طرباً لانها استطاعت ان تكسب قلب الرجل من باقي اعضاء جسمه
انها الانثى الجميله بل انه القلب الاعمي الذي عندما يحب لا يرى الا كل شي جميل ويغض الطرف عمن سواه
الرجل مجنون عندما يحب ،ولكن يعذر المحب في جنونه لانه يحب الجمال ،
وأنا شخصياً مفتون بالشعر العربي الفصيح ومن هنا أضع بين أيديكم هذه الابيات التي اخترتها بعناية فائقة لكي ترقى لذوق مرتادي الأدبي
هنا نستعرض بعض هذه الأبيات
لن أركز على شاعر بعينه ومن المفترض ان يكون المحور حول المجنون الذي قال بالحب ما لم يقال ، حتى كنا نتصور الشعر العربي هو شعر العزل فقط ،
لعل بدايتنا مع ابن الفارض تكون قويه بعض الشيء لانه في قصيدته( جوركم علي عدلُ ) انغمس بالحب الى النخاع ،هنا يمثل دور الحب وتقمص الدور حتى قلنا انه تنفس عصرنا الان وكأنهُ عاش معنا في هذا العصر ويقدم النصح والارشاد في الحب ، نعم عش كما يقول بن الفارض بالحب او لا تحب ،لان الحب هو كما يقول والا فلا
يقول ابن الفارض
هو الحب فاسلم بالحشا مالهوى سهلُ
فما اختاره مضنـى به،ولـه عقـلُ
وعش خالياً ، فالحب راحتـه عنـا
ًوأولـهُ سـقـمً واخــرهُ قـتـلُ
ولكن الدي المـوت فيـه، صبابـةً
حياةٌ لمن أهوى، علي بها الفضـلُ
نصحتك علماً بالهوى ،والـذي أرى
مخالفتي ،فاختر لنفسِكَ مـا يخلـو
فإن شئتَ ان تحيا سعيداً، فمت بـه
شهيـداً ،وإلا فالغـرامُ لـه أهـلُ
فمن لم يمت في حبهُ لم يعـش بـه
ودون اجنتاءِ النحلِ ما جنتِ النحـلُ
وقل لقتيـل الحـبَ، وفيـتَ حقـهُ
وللمدعي : هيهات ما الكحلُ الكحلُ
تبـاً لقومـي ،إذ رأونـي متيـمـاً
وقالوا: بمن هذا الفتي مسهُ الخبـلُ
الى ان قال
جرى حبها مجرى دمي في مفاصلي
فاصبح لي،عن كل شغلِ،بها شغـلُ
وفرغت قلبي عن وجودي مخلصـاً
لعلي في شغلـي بها،معهـا أخلـوا.
هذا هو الحب والا فلا من لم يحب مثل هذا الشاعر فعليه ان يكف عن الحب ، لان للغرام أهلُ.
وننتقل الى المبدع الاخر عمر بن ابي ربيعه الذي نشاء نشاة مترفة،وكان وسيماً فتوافرت له بذلك شاعريته ألوجهه التي اتجهها فالغنى والوسامه يغريان الشاعر بطلب الجمال والحياة اللاهية.
يقول عمر بن ابي ربيعه في إحدى أجمل قصائده الغزلية .
أُلامُ على حُبي ، وكأنـى سننتـهُ
وقد سُن هذا لحبُّ من قَبلِ جُرهُـم
فقلت: اسمعي ، يا هندُ، ثم تفهمي
مقالـةَ محـزونٍ بحُبِّـكِ مٌغـرمِ
لقد مات سرى واستقامت مودتـي
ولم ينشرح بالقولِ يا حبي فمـي
فإن تقتلي في غير ذنبٍ،أقل لكـم
مقالـةَ مظلـومٍ مشـوقٍ متـيـمِ
هنياً لكم قتلي ، وصفـو مودتـي
فقد سط من لحمى هواك ومن مديِ
الله ما أعذب الحب على الطريقة ألربيعيه عمر بن ربيعه مر بتجربة حب غير طبيعيه ولكنه يقولون انه تاب ومات شهيد في احد الغزوات..
الله يا جرير
اشتهر بالهجاء والمدح اكثر من الغزل ولكنه قال قصيدة العصماء التي تعد من اغزل واجزل عيون الشعر العربي الفصيح عندما قال
يقول جرير
لقد كتمت الهوى حتـى تهيّمنـي
لا أستطيعُ لهـذا الحُـبِّ كتمانـا
لا بارك الله بالدنيـا اذا انقطعـت
أسباب دنياك من أسبـاب دنيانـا
أبـدل الليـل لا تـرى كواكبـهُ
أم طال حتى حسبت النجم حيرانا
إن العيون التي في طرفها حـور
قتلننـا ثـم لـم يحييـن قتلانـا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن اضعـف خلـق الله أركانـا
جرير شاعر فحل اشتهر بمصارعة الفرزدق ، لو تفرغ هذا الشاعر للغزل لانضم مقطوعات ونوتات الحب الخالد الحقيقي ، ولكن انشغل بالفرزدق عن الغزل سامح الله الفرزدق
انا بعتقادي لو تفرغ للغزل لتفوق على كل شعراء الغزل في عصره .
.
ثم ننتقل الى جميل بثينه الذي صار مضرب مثال بين العشاق
وهو شاعر اموي ، جميل بن معمر، ولقب بجميل بثينه، وبثينه هي ابنت عمه احبها حب جما
يقول جميل بثينه:
اذا خطر ت من ذكر بثنة خطـرة
عصتني شؤون العين فانهل ماوهـا
فإن لم ازرها عادني الشوق والهوى
وعاود قلبـي مـن بثينـة داؤهـا
وكيف بنفس أنت هيجـت سقمهـا
ويمنـع منهـا يابثيـن شفـاؤهـا
فأحيي ، هداك الله نفسـاً مريضـةً
طويـلاً بكـم تهيامهـا وعناؤهـا
جميل بثينه عندما تقرأ قصائده تحس وكأنك تعيش بعصره وكأنك تطالع بثينه معه
أصلي فأبكي في الصلاةِ لذِكرِها
لي الويلُ مما يكتُـبُ المَلَكـانِ
ضَمِنتُ لها أن لا أهيمَ بغيرِهـا
وقد وثِقَت منّي بغيـرِ ضمـانِ
وألثم فاها كي تزولَ حرارتـي
فيشتدّ ما ألقـى مـن الهيمـانِ